السُّنَنيّة
الحياة و الزراعة .. عِش كما ينبغي
خلق الله سبحانه وتعالى الكون بالحق. وخلق له قوانين محكمة (سُنن كونية) لضبط حركته وضمان سيره على أكمل وجه. وخلق تعالى المخلوقات مجبولة على اتباع هذه السُّنَن ليستمر سريان الكون على أفضل ما يمكن. ثم جاءت الكائنات المُخيرة، وسمح الله تعالى لها باختيار اتباع هذه السُّنَن أو عدم اتباعها. فكانت النتيجة شبه الحتمية:
ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41) سورة الروم
وكان من بين ما أفسدنا العلوم والمعارف والاتجاه الذي نتطور إليه، وحتى ما نزرع لطعامنا وعلاجنا. والفساد مستمر، ولن ينقطع إلى قيام الساعة -اللهم إلا مؤقتًا في زمن نزول عيسى عليه الصلاة والسلام.
لكن كان لابد من وقفة. لابد من وجود من يحاول "إبطاء" -مادمنا لن نتمكن من إيقاف- عجلة الفساد المتسارعة نحو الهاوية، لهذا الكوكب بكل ما يحمله من حياة. ولا أرى سبيلًا لذلك إلا باتباع أوامر الخالق جل وعلى بالبحث والنظر في الخلق لمعرفة الطريق السليم، بدلًا من الالتجاء للشرق والغرب بحثًا عن إجابة ممن لا يملكونها.
وكان لابد من وجود نقطة بدء. واستقر اختياري على الزراعة، فهي في مرحلة شديدة الحرج تكاد تحتضر. وقد قل الغذاء والدواء على هذا الكوكب بكل ما يحمله من خير، لأننا نظن أننا نعرف أكثر ممن خلقه ويسر له السُّنَن التي يسير عليها. فكانت النتيجة ما نعيشه اليوم من فقر غذائي شديد، وأمراض لا نعرف لها علاجًا. ومن هنا نشأت فكرة الزراعة السُّنَنيّة.
والزراعة السُّنَنيّة هي الزراعة حسب السُّنَن الكونية التي خلقها الله تعالى، وهي زراعة طبيعية تمامًا -لا عضوية ولا آجريكلتشرية- أي أنها زراعة بدون أسمدة كيماوية ولا مبيدات حشرية ولا غيرها من المواد المصنعة غير الطبيعية مهما كانت تسميتها.
تعريفات
- النظام الحياتي: وعنصره الظاهر مُكوَّن من النباتات المختلفة، لكن لأن النظام النباتي لا يقوم بغير نظام حيواني معه، يعمل كل منهما بأسلوب تبادل المنفعة مع الآخر، فيكون النظام الحياتي هو نظام يشتمل على النباتات مختلفة الأنواع والحيوانات والحشرات وحتى المايكروبات الدقيقة؛ والتي تعمل كنظام متكامل يقوم على خدمة بعضه البعض ويوفر كل من عناصره ما تحتاجه العناصر الأخرى من متطلبات. (مثلًا: أشجار توفر الظل لأشجار أخرى لا تحتمل الضوء المباشر للشمس، والتي بدورها توفر غذاءًا لأصناف من الحيوانات، التي توفر بدورها السماد الطبيعي للأشجار، إلخ).
- النظام الحياتي الدائم (المستدام): هو نظام حياتي كامل قد يحتاج للإنسان لكي يبدأ وفي مراحله الأولى فقط، ثم يصل لمرحلة اعتماد كامل على النفس دون أي تدخل بشري، وينتقل لمرحلة إخراج طاقة أكثر مما يدخل فيه، وأخيرًا وقبل أن ينهي أي من عناصر هذا النظام حياته يكون قد خلف عنصرًا من نفس النوع ليؤدي نفس وظائفه.
أهداف الزراعة السُّنَنيّة
- زراعة نباتات غذائية وعلاجية وتجميلية بشكل طبيعي تمامًا دون الاستعانة بأي مواد مصنعة أو غير طبيعية.
- إنشاء أنظمة حياتية دائمة دون حاجة لتدخل بشري؛ بل وتستمر رغمًا عن التدخل البشري.
- إعادة ما فسد من طباع النباتات لأصله ووقف اعتماده على الإنسان تمامًا.
- تدريب النباتات قدر المستطاع -طبيعيًا- لتصبح ذات خصائص مطلوبة (مثلًا: أطوال الأشجار في متناول اليد ما أمكن، ماء قليل أو زائد حسب المكان الموجودة به، إلخ)
- صفر إهدار: كل فائض عن حاجة كائن يحتاجه كائن آخر لحياته. وضع كل فائض في مكانه الصحيح يساوي إلغاء الإسراف والإهدار في أي نظام حياتي.
- وظائف متعددة لكل غرض: مثلًا الشجرة تنتج الثمار للطعام أو الدواء، وتنتج كذلك الظل للحماية من الشمس، ويمكن استخدامها لتتسلقها نباتات أخرى متسلقة، إلخ من الوظائف التي يجب التفكير في كل منها لكل عنصر من عناصر النظام الحياتي ليؤدي كل عنصر وظائف متعددة.
- فرز وإنتاج نباتات تحتمل أقسى أجواء البيئة التي تتواجد بها: حرارة شديدة أو برودة شديدة، تربة مدمجة أو تربة ترابية، ماء ري قليل أو ماء ري كثير، إلخ...
- إنتاج نباتات عميقة الجذور لتتمكن من الحصول على الغذاء والماء المطلوبان لنموها.
- إعادة إحياء الأرض الزراعية وإكثار الكائنات الحية التي تسكنها باتزان يضمن نموًا صحيًّا للنباتات.
مصادر المعلومات (بالترتيب)
- القرآن الكريم
- السُّنّة النبوية
- التجربة الشخصية
- الأبحاث السابقة والحالية لنُظُم الحياة والنباتات الطبيعية
- الأبحاث الساينسية
المنهج المتبع للوصول للأهداف المرجوة
- مراقبة الأرض والنبات في الأماكن التي يندر تواجد الإنسان بها -ما أمكن- لتعلُّم كيف تتصرف البيئة الطبيعية -كالغابة أو النهر- والكائنات الحية والنباتات الموجودة بها.
- تجارب مستمرة في زراعة النباتات المختلفة من دون أي مواد مصنَّعة، وتوثيق التجارب والنتائج.
- تحضير أنواع الباكتيريا والفطر المختلفة، الصحية للأرض الزراعية والنباتات، وتقديمها بشكل مستمر في الأرض الزراعية.
- لا تحتاج النباتات في النظم الطبيعية لأي مصدر غذاء خارجي يوفره الإنسان. ويؤكد الساينس اليوم أن كل أرض بها كل العناصر الغذائية التي تحتاجها النباتات إلى يوم القيامة، لكنها تتواجد بصورة غير قابلة للسيولة، ويقوم بتسييلها الباكتيريا والفطر في علاقة تبادل منفعة مع النباتات. ومن هنا يكون الاهتمام بدراسة هذه المايكروبات ونشرها في الأرض الزراعية من أهم ما يمكن القيام به في هذه المرحلة.
شارك الموضوع